أحكام الإحداد
أحكام الإحداد مهمة جدا و يجهلها كثيرٌ من
النساء و لذلك قررنا أن نلخص لكم بحث علمي مهم نُشر في مجلة العدل التابعة لوزارة العدل في المملكة العربية السعودية . في
العدد (50) ربيع الآخر عام 1432 هـ
وهو من إعداد الشيخ / راشد بن فهد آل حفيظ . القاضي في المحكمة العامة
في المخواة سابقاً (يرحمه الله).
ذكر رحمه الله في بداية البحث مقدمة عن
البحث مبينا أهمية هذا البحث فقال ( فقد كانت المرأة في الجاهلية تعاني الظلم بسبب
وفاة زوجها، فمن حزنها على فراقه إلى حياة قاسية، سنة كاملة ، تجتنب فيها كل ملذات الدنيا، وتقع في الشدة والمشقة والحرج فلا تستعمل
طيباً، ولا تقص شعراً ، ولا تغسل جسماً ، ولا تقلم ظفراً ، وتلبس شر ثيابها
... ثم جاء الإسلام القائم على العدل،
وتحقيق المصالح، فأبطل ما كانت المرأة تعانيه، بسبب وفاة زوجها، واستبدال حكم آخر
أصلح وأنفع وأيسر بذلك الحكم القاسي، يحفظ حقوق الزوج والزوجة، ويحفظ حق الله قبل
ذلك. )
ثم ذكر سبب اختيار هذا الموضوع ( .. لأبين يسر الإسلام، وعدله في أحكام الإحداد
ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وذلك لحاجة الناس الماسة لمثل هذا الموضوع، ولما أحدث
فيه وابتدع في هذا العصر، ولما يحصل في بعض الديانات، والمجتمعات من التخبط فيه
والاضطراب. )
ثم ذكره تعريفه في الاصطلاح الشرعي ( الإحداد شرعاً: اجتناب المرأة كل ما يدعو
إلى نكاحها، ورغبة الآخرين فيها، من الزينة ، وما في معناها مدة الخصوصية، في
أحوال مخصوصة. )
ثم ذكر الحكمة من الإحداد ( من الحكم المتعلقة
بالإحداد تعظيم عقد النكاح، وبيان خطره وشرفه، ورفع قدره، وأنه عند الله بمكان،
وتعظيم حق الزوج، وحفظ عشرته، وتطييب نفوس أقاربه. )
ثم ذكر الفروق بين العدة و الإحداد ( الأول:
أن حقيقة العدة : تربص المرأة مدة محدودة شرعاً، أما الإحداد فحقيقته: اجتناب
المرأة كل ما يدعوا إلى نكاحها، والرغبة فيها . .، ويجب عليها لزوم بيتها، وعدم
الخروج إلا لحاجة، فالعدة تربص وانتظار فقط.
الثاني: أن سبب العدة: إما الوفاة ، وإما
الطلاق، وإما الفسخ، وإما الخلع.
أما الإحداد فسببه: وفاة الزوج، أو وفاة
القريب، أو غيرهما، فلا يجب على مطلقة أو مخلوعة أو مفسوخة.
الثالث: أن المقصد الأصلي من العدة هو
استبراء الرحم، وأن لا تختلط الأنساب، أما الإحداد فمقصده وحكمه تختلف. )
ثم تطرق إلى حكم الشرعي في الإحداد ( حكى غير واحد الإجماع على وجوب إحداد المرأة
المتوفى عنها زوجها. وإليه ذهب جميع العلماء قديماً وحديثاً ومن بعدهم {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ
وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا
فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }
قوله صلى الله عليه وسلم :" لا يحل
لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة
أشهر وعشراً" متفق عليه. )
ثم ذكر إحداد المرأة على غير زوجها ( إحداد المرأة على غير زوجها جائز بالإتفاق
لقوله صلى الله عليه وسلم :" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد
على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً" ، ولحديث أم عطية
:" نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج". وظاهر الحديثين وما في معناهما
جواز الإحداد على كل ميت غير الزوج سواء كان قريباً او بعيداً أجنبياً، وليس ذلك
واجباً. ولا يجوز الإحداد على ميت فوق ثلاثة ايام كائناً من كان، إلا الزوج وحده.
)
ثم ذكر مسألة : إحداد الرجل على ميت ثلاثة
أيام فأقل. ( قال المجد ابن تيمية - رحمه الله - :" لا بأس بهجر المصاب الزينة، وحسن
الثياب ثلاثة أيام ." وسئل الإمام أحمد – رحمه الله – عن مسألة يومَ مات بشر،
فقال : ليس هذا يوم جواب، هذا يوم حزن.
وقيل: يكره للمصاب تغيير حاله، وتعطيل
معاشه، وهو المذهب.
وقال العلامة ابن القيم – رحمه الله –
:" وبالجملة : فعادتهم – يعني السلف – أنهم لم يكونوا يغيرون من زيهم قبل
المصيبة، ولا يتركون ما كانو يعملونه، فهذا كله مناف للصبر." )
ثم ذكر بداية مدة الإحداد ( تبدأ مدة الإحداد – تبعاً لعدة الوفاة – من موت
الزوج، فإن علمت بموته وجب عليها الإحداد من حيث العلم تبعاً للعدة، ولا يحل لها
التأخر عن ذلك، وإن انقضت قبل علمها فلا عدة ولا إحداد، هذا هو الحق الذي عليه
عامة أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم. )
ثم ذكر نهاية مدة الإحداد و فصل فيها ( المتوفى عنها زوجها لا تخلو: أن تكون حائلاً أو
حاملاً: فإن كانت حائلاً – وهي غير ذات الحمل – فمدة إحدادها تبعاً لعدتها، أربعة
أشهر وعشر، والمعتبر عشر ليال بأيامها، لأن هذا هو المراد من الآية عند جماهير
العلماء، قال ابن قدامة:" أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات
الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر، مدخولاً بها أو غير مدخول لها، سواء كانت
كبيرة بالغة أو صغيرة لم تبلغ"...
أما إذا كانت من توفى عنها زوجها حاملاً،
فمدة إحدادها – تبعاً لعدتها – مرتبط بوضع الحمل، فمتى وضعت حملها انتهت عدتها،
وبالتالي تنتهي مدة الإحداد. لقوله تعالى :{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ
أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ...
وهذا مذهب جماهير أهل العلم، من الأئمة
الأربعة وغيرهم، وتنتهي مدة إحداد الحامل ولو بوضع سقط – على الصحيح – سواء أكان
قد نفخ فيه الروح أم لا، إذا كان قد تبين فيه خلق إنسان. )
ثم ذكر ما يلزم الحادة على زوجها من
الأحكام ( فإنه يحرم على الحادة استعماله في ثيابها وبدنها، ولا خلاف في تحريمه
عند من أوجب الإحداد ، لقوله صلى الله عليه وسلم :" ولا تمس طيباً إلا إذا
طهرت نُبذة من قُسْط أو أظفار" ، واستثنى في هذا الحديث النبذةُ، وهي القطعة
والشيء اليسير عند الطهر للحاجة إليه، فإنه لا بأس به.
"وهو – أي القسط – والأظفار نوعان من
البخور، وليسا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض، لإزالة الرائحة
الكريهة، تتبع به أثر الدم لا للتطيب"
وقوله صلى الله عليه وسلم:" لاتمس
طيباً " يشمل جميع أنواع الطيب، والأدهان المطيبة، والمياه المعتصرة من
الأدهان الطيبة ، ... أما الصابون الذي له رائحة طيبة، فلا يدخل في عموم الحديث،
لأن الذي فيه ليس طيباً مقصوداً، إلا أن الأحوط إجتنابه. )
(يحرم على الحادة لبس كل مافيه زينة من
الثياب، لقوله صلى الله عليه وسلم :" ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب
عصب" والعصب هو: برود اليمن المعصوبة غزلها المصبوغة المنسوجة. ...
وأما ما صبغ بأصباغ لا يقصد به التجمل
والتزين كالكحلي والأخضر والأسود، أو ما صبغ لننفي الوسخ عنه، أو لتقبيحه فلا بأس
به عند الأئمة الأربعة لأنه لا يقصد به التزين. ...
أما لبس ثوب حرير فالراجح منع الحادة من
لبسه إلا إن احتاجت إليه. )
( فإن الحادة ممنوعة – أيضاً – من التزين
في بدنها بالحناء ونحوه، والاكتحال ونحوه، مما فيه زينة، لقوله صلى الله عليه وسلم
: "لا تلبس المتوفى عنها زوجها المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي،
ولا تختضب، ولا تكتحل". ...
يجب على الحادة لزوم بيت زوجها الذي توفى
عنها وهي فيه، وإليه ذهب عامة العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة ، لكن إن دعت ضرورة
إلى انتقالها من بيتها إلى غيره من المساكن – سواء أكانت قريبة من مسكنها أم بعيدة
– جاز ذلك كخوف هدم أو غرق أو حريق، أو حصلت لها وحشة، أو كانت الدار غير حصينة،
أو بين فسقة، أو لتأذيتها من أحمائها او جيرانها، او العكس كتأذيتهم منها. ...
وكذلك يجوز لها الخروج من منزلها ليلاً أو
نهاراً إذا احتاجت إلى ذلك بشرط ألا تبيت إلا في بيتها، ولا يجوز لها الخروج
للصلاة على زوجها إذا توفي، قاله الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله
– حين سألته عن ذلك. ) ا.هـ
و إلى وهنا وصلنا إلى نهاية البحث و الحمد لله رب العالمين .
إن كنت رأيت / ي أن ما قرأته مفيداً فانشره ليستفيد الآخرين بارك الله فيكم .
و لمن أراد الاطلاع على البحث كاملا
للتحميل هنا
https://drive.google.com/open?id=1VTeqMzAFeyWgLOercl5OplMT_Nw9w3Jr
تعليقات
إرسال تعليق