بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام تأديب الزوجة في الفقه الإسلامي
بحث محكَّم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ثم أما بعد ..
لا يفرّق كثيرٌ من الأزواج بين القوامة و العنف الأسري و كذلك الحال في النساء لا تعرف الحقوق و الواجبات الزوجية و مدى الفرق بينها ... و لأهمية هذا الموضوع قررنا أن نلخص لكم بحثاً علمياً نشر في مجلة العدل التابعة لوزارة العدل في المملكة العربية السعودية في عددها رقم ( 52 ) شوال عام 1432 هـ لمحاولة إزالة اللبس في كثير الأفكار و لتغيير كثير من التصورات الخاطئة على ضوء الفقه الإسلامي ..
لا يفرّق كثيرٌ من الأزواج بين القوامة و العنف الأسري و كذلك الحال في النساء لا تعرف الحقوق و الواجبات الزوجية و مدى الفرق بينها ... و لأهمية هذا الموضوع قررنا أن نلخص لكم بحثاً علمياً نشر في مجلة العدل التابعة لوزارة العدل في المملكة العربية السعودية في عددها رقم ( 52 ) شوال عام 1432 هـ لمحاولة إزالة اللبس في كثير الأفكار و لتغيير كثير من التصورات الخاطئة على ضوء الفقه الإسلامي ..
قام بإعداد هذا البحث الدكتور / عبد الله بن سليمان العجلان . الأستاذ
المشارك في كلية الملك فهد الأمنية .
ذكر في المقدمة مدى اعتناء الإسلام بهذه
العلاقة ( ولقد اعتنى الإسلام بشأن الزواج عناية كبيرة ، ونظم أحكامه وآدابه ،
وأوجب حقوقاً لكل من الزوجين علي الآخر ، لتستقيم أمورهما ، وتقوي أواصر المحبة و
الإلفة بينهما ، ويسود الوفاق ويزول الشقاق... )
ثم ذكر مفهوما للقوامة ( فالقوامة إذن تشريف
للمرأة وتكريم لها ؛ بأن جعلها تحت قيِّم يقوم بشؤونها ، وينظر في مصالحها ويذب
عنها ، ويبذل الأسباب المحققة لسعادتها وطمأنينتها . )
ثم ذكر أسباب اختياره لهذا الموضوع و التي
منها ( ... تفشي ظاهرة العنف الأسري الذي
اتخذ أشكالاً وأنماطاً جديدة لم تكن معروفة في مجتمعنا الإسلامي . )
ثم بدأ يفصل في معنى القوامة بذكر تعريفها ( تعريف القوامة : القوامة في اللغة : من قام
علي الشئ يقوم قياماً : أي حافظ عليه وراعى مصالحه ، ومن ذلك القيِّم ، وهو الذي
يقوم على شأن شيء ويليه ، ويصلحه ، والقيم هو السيد ، وسائس الأمر ، وقيم المرأة
هو زوجها أو وليها ؛ لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج
وفي الاصطلاح لا تخرج القوامة عن مدلولها
اللغوي ، فهي ولاية يفوض بموجبها الزوج تدبير شؤون زوجته والقيام بما يصلحها . )
ثم ذكر في الفصل الثاني موقف الإسلام من العنف
ضد المرأة و ذكر الكثير من الأدلة الشرعية و التي منها ( أبيَن الأدلة الشرعية الدالة على تحريم العنف بجميع
صوره وأشكاله ، والدعوة إلى الرفق ... و
قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لَا تَعْتَدُوا
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }
وقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي :
" يا عبادي ، إني حرمت الظلم علي نفسي ، وجعلته بينكم محرما ، فلا تظالموا
" والحديث أخرجه مسلم ...
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول
الله صلى الله
عليه وسلم" إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " أخرجه البخاري
....
فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال ، قال
رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي "
...
وقال صلى الله عليه وسلم" أكمل المؤمنين إيماناً أحسنه خلقاً
وخياركم خياركم لنسائهم " أخرجه
الترمذي
وخلاصة القول أن الإسلام في مصدريه – الكتاب
و السنة – قد أوصى بحسن العشرة مع النساء و الرفق بهن و معاملتهن بالحسنى . )
ثم ذكر في الفصل الثالث الشبهات المثارة حول
التأديب و الرد عليها ( ... وظيفة
القوامة لا تعني تسلط الرجل على المرأة ،وأنها حطٌ من شأنها وكرامتها وأنها سلبٌ
لحقوقها ، و تهميش لرأيها ، بل هي تقدير ، و تشريف لها ورفعة لشأنها و إقرار
بكرامتها .
فالله – جلَّ شأنه – قال : {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ
عَلَى النِّسَاءِ }
وهذا يفيد معني عالياَ بنّاءً ، أي : يصلحون
ولا يعدلون ، لا أنهم يستبدون ويتسلطون ، فنطاق القوامة محصورة في مصلحة البيت
والاستقامة علي أمر الله – عزوجل – والقيام بحقوق الزوج ، فما لم تخل الزوجة بشيء
من ذلك فليس له عليها سبيل إلا سبيل الكرامة والاحترام ... إن القوامة التي تقابل
التبعة لا تنفي المشاورة ولا المعاونة ، بل العكس هو الصحيح ، فالقوامة الناجحة هي
التي تقوم علي التفاهم الكامل والتعاطف المستمر ، وكل توجيهات الإسلام تهدف إلى
هذه الروح داخل الأسرة ، وإلى تغليب الحب والتفاهم علي النزاع والشقاق ....
أن من يرى أن في التأديب هضماً لحق المرأة
وإهداراً لكرامتها نسأل هؤلاء ، هل من كرامة الرجل أن يهرع إلى طلب محاكمة زوجته
كلما انحرفت أو خالفت أو حاولت أن تنحرف أو تخالف ؟
وهل تقبل المرأة أن يهرع زوجها كلما وقعت في
شيء من المخالفة إلي المحكمة ينشر خبرها على الملأ ؟
أو تقبل أن تترك تسترسل في نشوزها حتى يتهدم
بيتها ويتشرد أطفالها ، أم تقبل أن ترد إلي رشدها بشيء من التوجيه العملي الذي لا
يتجاوز ما ألفته من أبيها وأهلها .
لاشك أن جواب المرأة العاقلة سيكون واضحاً في
اختيار ما اختاره الله – عزوجل – وهو التأديب بمراحله الثلاث ، وهي إجراءات وقائية
تدريجية يخطوها الزوج ، أملاً في العودة إلي الرشد والصواب . ...
ثم إن التأديب بالضرب ليس هو كل ما شرع
الإسلام من علاج ، بل هو كالدواء المؤلم إذا اشتد المرض العضال ، فقد جاء الضرب في
الآية الكريمة خطوة ثالثة ، أي بعد : استنفاد الوعظ والهجر ، فهو أحد أنواع ثلاثة
، هو آخرها في الذكر كما هو آخرها في العمل ، بشروط ذكرها الفقهاء – رحمهم الله
تعالي – يجب التقيَد بها
مع أن الضرب لا يوجه إلا لنوعية خاصة من
النساء ، وتركه أفضل ، كما قال ذلك بعض الفقهاء .
أن الذين يرون في التأديب عنفاً وقسوة نساؤهم
يشتكين الويلات بسبب الظلم والعنف
والقسوة.
ومن خلال دراسة إحصائية لانتشار ظاهرة العنف
يلاحظ أن أكثر الدول تقدماً ، وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي حماية
حقوق الإنسان ، وتنادي بالديموقراطية تعاني من مشكلة العنف الأسري بجميع صوره
وأشكاله والأرقام التالية توضح ذلك :
-
هناك ٣٠٠٠ – ٤٠٠٠امرأة تضرب حتى الموت سنوياً.
-
٧١% من النساء الحاملات المحطمات يجهضن ، أو
يلدن ولادات ميتة أو معاقة جسدياً .
-
أودي العنف العائلي بحياة مليون و ٤٣٢ألف من أربعة ملايين امرأة قتلن في عام ١٩٩٢م .
-
٤نساء يوميا يقتلن في هذا البلد من قبل الزوج
بسبب العنف
-
٧٩% من الرجال في أمريكا يضربون زوجاتهم ضربا
يؤدي إلي إعاقة .
-
١٧% منهن تستدعي حالتهن الدخول للعناية المركزة
، وحسب تقرير الوكالة المركزية الأمريكية للفحص والتحقيق هناك زوجة يضربها زوجها
كل ١٨ ثانية في أمريكا . ...
أما في فرنسا فهناك مليونا امرأة معرضة للضرب
سنوياً
وفي بريطانيا يفيد تقرير أن ٧٧% من الأزواج يضربون زوجاتهم دون أن يكون
هناك سبب لذلك . )
استطراد
جاء في بعض الإحصائيات في موقع طريق الإسلام :
أن ما بين 40 إلى 50 في المائة ممن يقتل من النساء في أمريكا يكون القاتل
هو شريكها الحميم (partner
intimate) (زوج أو صديق) (المصدر: وزارة العدل الأمريكية)
سنويًا ما بين 3 إلى 4 ملايين امرأة في أمريكا يتعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو
صديق (المصدر: الموقع الرسمي الحكومي لولاية نيوجرسي الأمريكية)
للاطلاع على كامل المقال في موقع طريق
الاسلام ( https://ar.islamway.net/article/17285/%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85-%D9%81%D8%B8%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9 )
ثم ذكر في الفصل الرابع أسباب تأديب الزوجة (
ترجع أسباب تأديب الزوج لزوجته إلى سببين هما :
السبب الأول : ترك الزوجة ما يجب عليها تجاه
زوجها .
السبب الثاني : ترك فرائض الله – عزوجل - .
المبحث الأول
ترك الزوجة ما يجب عليها تجاه زوجها
للزوج أن يؤدب زوجته إذا لم تطعه فيما أوجب
الله – جل شأنه – عليها تجاه زوجها ، ومن ذلك أن يجد الزوج من زوجته إعراضاً و
عبوساً بعد لطف وطلاقة وجه ،أو أن تخاطبه بكلام خشن بعد أن كان ليناً ، ومن ذلك أن
تمتنع عن فراشه ، أو إجابته علي وجه التثاقل والتبرم والتكره .
أو أن تخرج من بيته بدون إذنه من غير وجه حق
، أو أن تترك التزين و التطيب له إذا أراد ذلك مع قدرتها عليه ، أو أن تصوم تطوعاً
بدون إذن زوجها.
فإن رأى منها شيئاً من ذلك فإنه يحق له أن
يؤدبها ، وهذا باتفاق الفقهاء – رحمهم الله تعالى – لقوله تعالى : { وَ اللَّاتِي تَخَافُونَ
نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا
} .
ففي هذه الآية الكريمة أباح الله – عزوجل –
للأزواج عند مخالفة وعصيان الزوجات ضربهن تأديباً وتهذيباً وإصلاحاًلهن ضرباً غير
مبرح ، وهذا يدل على مشروعية هذه الوسيلة في تأديب الزوجة . )
ثم تطرق إلى مسألة مهمة ( هل خدمة الزوجة
لزوجها واجبة عليها أم لا ؟ فمن قال بالوجوب قال : له أن يؤدبها على ترك ذلك ، ومن
قال بعدم الوجوب قال : ليس له تأديبها علي ترك ذلك ، وتفصيل هذه المسألة فيما يلي
:
اختلف الفقهاء - رحمهم الله تعالى - : هل يجب
على الزوجة خدمة زوجها أم لا ؟ على قولين :
القول الأول : أن الزوجة يجب عليها خدمة
زوجها ، قال بهذا الحنفية ، والمالكية ، وبعض الحنابلة ....
القول الثاني : ان الزوجة لا يجب عليها خدمة
زوجها ، قال بهذا الشافعية والحنابلة على الصحيح من المذهب ...
الراجح – والله أعلم بالصواب – القول الأول
القائل بوجوب خدمة الزوجة في بيت زوجها )
ثم ذكر في المبحث الثاني مسألة ترك الزوجة
فرائض الله عزَ و جلَ ( من خلال تتبع أقوال الفقهاء – رحمهم الله تعالى – لم أقف
على من أوجب على الزوج أن يؤدب زوجته إذا تركت فرائض الله – عزَوجلَ – إلا ما نقل
عن ابن البزري من علماء الشافعية ، فقد أوجب على الزوج ضرب زوجته على ترك الصلاة .
أما بالنسبة لجواز التأديب فقد اختلف الفقهاء
– رحمهم الله تعالى – في ذلك على قولين :
القول الأول : يجوز للزوج أن يؤدب زوجته على
تركها فرائض الله – عزَوجلَ – من صلاة وصيام ، قال بهذا المالكية ، وهو أحد قولي
الحنفية والحنابلة .
القول الثاني : لا يجوز للزوج أن يؤدب زوجته
على تركها فرائض الله – عزَوجلَ – من صلاة وصيام ... قال بهذا الشافعية ، والقول
الآخر للحنفية والحنابلة ، لأن هذا النوع من التأديب لا يتعلق بحق الزوج ، ولا
ترجع المنفعة إليه بل إليها ، فليس له حق في التأديب .
الأظهر – والله أعلم بالصواب – هو القول
الأول . )
ثم جاء الفصل الخامس وسائل تأديب الزوجة فقال
( ذكر الله – عزَوجلَ –
وسائل لتأديب الزوجة في قوله تعالى { وَ اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا
عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } ففي الآية الكريمة ثلاث وسائل ، هى : الوعظ
، و الهجر ، والضرب ...
المطلب الأول : في حقيقة الوعظ ، وكيفيته :
الوعظ في اللغة : النصيحة والتذكير بالعواقب ...
الكيفية التي يعظ الرجل بها زوجته أن يخوفها
بالله – عزَوجلَ – فإن التخويف بالله – عزَوجلَ – من أبلغ الأسباب في ذوي الدين .
... ثم ينبهها إلي عواقب عدم الطاعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها
الملائكة حتى تصبح " ...
وقد لا تفيد الموعظة من قبل الزوج ، فيلجأ
إلى أقاربها أو أقاربه أو إحدى صديقاتها أو جاراتها أو غير ذلك .
وحسن أن يستميلها بشئ ، كما ذكر ذلك بعض
الفقهاء وهو إشارة إلى معالجة بوادر النشوز بالهدية قبل أن يستفحل الأمر ، فإن
الهدية تشعر الزوجة بمحبة الزوج ورغبته في إسعادها. )
ثم ذكر ضوابط الوعظ و منها ( وتلك الضوابط
والآداب هي :
1.
أن يتخير أنجح الأساليب في تليين القلوب
القاسية
2.
ألا تكون الموعظة مستمرة
3.
أن يتخير الوقت المناسب للموعظة
4.
عدم التشهير في الوعظ ، فلا يعظ الزوجة أمام
أولاده وأقاربه
5.
الصبر والأناة في هذه المرحلة )
ثم تحدث في المبحث الثاني عن الهجر ( الهجر في اللغة : مطلق الترك والصدَ والقطع
والاعتزال
وفي الاصطلاح : يقصد بالهجر مقاطعةُ الجاني ،
وعدمُ التحدث إليه ، والسلام عليه حتى يتوب إذا كان في ذلك مصلحة .
فالمراد به عند الفقهاء ما يلي :
1.
عند الحنفية : هو ترك الجماع والمضاجعة في
فراشها .
2.
عند المالكية : هو ترك الاستمتاع بها و النوم
معها في فراش واحد .
3.
عند الشافعية : ألا يضاجعها في فراش واحد .
4.
عند الحنابلة : أن يهجرها في فراشها ، ما شاء
أو ترك مضاجعتها .
ضوابط الهجر
:
هجر الزوج لزوجته تأديباً لابد أن يتقيد
بضوابط ، منها :
1.
أن يكون الهجر في المضجع ، وقد ذكر العلماء
أن المقصود بالهجر في المضجع في الآية الكريمة {وَاهْجُرُوهُنَّ
فِي الْمَضَاجِعِ } أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها .
وعلى كلا القولين لا يجوز هجر الزوجة خارج
المضجع ، وما يفعله بعض الأزواج جهلاً وهم يرومون تأديب الزوجة من ترك البيت كله
مخالف لما هدت إليه الآية الكريمة ودلت عليه ؛ لأن الله تعالى أمر بهجرانهن في
المضاجع لا عن المضاجع ، فالهجر يبقي الرجل داخل البيت لا خارجه .
ويزيد ذلك ما رواه حكيم بن معاوية بن حيدة
القشيري عن أبيه ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قالصلى الله عليه
وسلم: " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا
تقبح ولا تهجر إلا في البيت " .
2.
ألا يتجاوز هجر الكلام ثلاثة أيام .
3.
ألا يتجاوز الهجر في المضجع شهراً كاملاً .
4.
سرية الهجر حتى لا يكون في الهجر إذلال
للزوجة ، كالهجر أمام الناس الذي فيغير مكان خلوة الزوجين
5.
أن يكون الهجر مرحلة لاحقة تعقب فشل الوعظ
وأسلوب الحكمة فيه . )
ثم تحدث في المبحث الثالث عن مسألة الضرب و أهم ما جاء فيه أن ( الضرب نوعان :
النوع الأول : ضرب مبرح :
وهو الذي يكسر العظم أو يخرق الجلد أو يسوّده
وقيل : الضرب المبرح هو الفادح الذي يخشى منه
تلف نفس أو تلف عضو أو تشويهه .
النوع الثاني : الضرب الغير مبرح :
يرى بعض الفقهاء أن الضرب غير المبرح هو الذي
لا يكسر عظماً ولا يخرق جلداًولا يسوّده .
وقيل : هو غير الشاق ولا المؤذي ولا المٌدْمِي
.
ومن هذا التعريفات يتضح أن الضرب غير المبرح
هو : غير المؤثر حسياً ، وهو الضرب الخفيف الذي لا يؤذي ، فلا يتلف عضواً ، ولا
يقطع لحماً ، ولا يترك أثراً ، ولا يشين جارحة ، ولا يكسر عظماً ولا يسيل دماً .
وهذا الضرب هو الذي أباحه الشارع الحكيم ،
وهو المقصود بضرب التأديب . لقول النبي صلى الله عليه وسلم"...... فاضربوهن ضرباً غير مبرح "
.
شروط ضرب الزوجة للتأديب :
الشرط الأول : أن يكون التأديب لغرض الإصلاح
لا لغرض الإيذاء والانتقام.
الشرط الثاني : أن يكون ضرب الزوجة على معصية
.
الشرط الثالث : ألا يلجأ الزوج إلى ضرب زوجته
إلا بعد استعمال وسيلتي
الوعظ و الهجر في المضجع .
فيجب أن يبدأ الزوج بالأيسر والأخف من
الأفعال ، ويتدرج في التأديب
الشرط الرابع : أن يتيقن الزوج أو يغلب على
ظنه تحقق النفع بالضرب ، فإن غلب على ظنه عدم جدوى التأديب بالضرب ، فلا يجوز له
حينئذ استخدام تلك الوسيلة .
الشرط الخامس : أن يكون الضرب غير مبرح ، وهو
الذي لا يدمي ، ولا يشوه الجسم .
الشرط السادس : أن يتقي الوجه والرأس
والمقاتل ، لأن المقصود تأديبها لا إتلافها . )
و جاء في نهاية البحث أبرز النتائج التي توصل
إليها من خلال بحثه
( أولا : النتائج العامة :
1.
عناية الإسلام بالعلاقة الزوجية في حدودها
التي لا يجوز تجاوزها وذلك بحدود الاستطاعة ، ويعذر الإنسان فيما لا يقدر على
القيام به .
2.
أن الإسلام كرم المرأة أيما إكرام ، وحفظ لها
حقوقها ، ورفع شأنها ، ورفع عنها الضرر في حياتها الزوجية ، وكفل لها الحرية
المنضبطة بضوابط الشرع المطهر .
3.
أن ضرب الزوجة في الإسلام لا يتجاوز كونه
ظاهرة تأديبية تربوية محمية ، بضوابط وقيود شرعية ، وآداب وأخلاق سامية ، فهو دواء
لداء استعصى على الحلول التي سبقت ، وهما : الوعظ ، والهجر ، كما إنه علاج لحالة
شاذة ، يوصف إلى جانب إجراءات تربوية تتمثل في الصبر و التحمل واستعمال الحكمة
والموعظة الحسنة .
ثانيا : النتائج الخاصة :
1.
أثبتت الإحصائيات الرسمية ارتفاع نسبة العنف
والاضطهاد للمرأة في الدول الغربية ، المدعية للتحضر والتقدم ، وهذا العنف أكثر
بكثير مما هو عليه في بلاد المسلمين ، وما ذاك إلا لاتباع المسلمين تعاليم دينهم
وتمسكهم بشرعهم وآدابه وأحكامه .
2.
أن العنف الأسري ضد المرأة محرم بجميع صوره
وأشكاله ، وجريمة يحاسب الإنسان عليها في الدنيا والآخرة .
3.
أن ضرب الزوجة لغير سبب مشروع حرام ولو كان
ضرباً غير مبرح ؛ لأنه من الظلم والعدوان .
وإن كان هناك من توصيات فمن أهمها ما يأتي :
1.
أن تقوم وسائل الإعلام بدورها في التوعية
الأسرية بوجود برامج مكثفة من خلال كافة وسائل الإعلام لتعريف أفراد المجتمع
بالعنف الأسري وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع .
2.
تبصير الخاطبين بأحكام الزواج الشرعية
وتوعيتهم بما يجب ويحرم فيه ، من خلال دورات تثقيفية مركزة تتولى الجهات الرسمية
المختصة الإشراف عليها
3.
ينبغي أن يلاحظ الزوج الظروف التي تمر بها
زوجته قبل أن يعدّ نفورها حالة نشوز ، وقبل أن يشرع في مراحل الهجر والضرب المنضبط
، فكثيراً ما يكون سبب الخصام تغييراً طارئاً في طبيعة الزوجة النفسية ، تبعاً لما
ينتابها من عوارض صحية ، نظراً لأن تكوين المرأة يختلف عن الرجل سيكولوجياً و
بايولوجياً ، فهي تمرَ بظروف تؤثر في نفسيتها ، وتعاملها مع الزوج وخاصةً في مرحلة
الطمث والحمل والولادة ، فينبغي للزوج أن يتفهم هذه الأمور ليستطيع التعامل الرفيق
مع زوجته . )
إلى هنا وصلنا إلى نهاية البحث آمل أن يكون هذا الملخص قد أفادكم و قدم لكم
معلومة مفيدة و جديدة .. شارك من تحب هذا الموضوع لتكون شريكنا في نشر الثقافة الإسلامية
.
تعليقات
إرسال تعليق