في قضيةٍ نُظرت في المحكمة العامة بجدة ..
حضرت المدعية " الزوجة " و قالت ( إن المدعى عليه زوج لي فقد عقد علي في عام 1426 هـ على مهر قدره
خمسون ألف ريال مستلم بالكامل، ودخل بي الدخول الشرعي بتاریخ 18/6/1426هـ، ولم
يحصل بيننا ولد، وقد سائت عشرته لي، فهو يضربني ضرباً مبرحاً، ويتهمني في عرضي
وأنا في بيت أهلي منذ تاريخ 1 / 12 / 1434 هـ، وأصبحت الحياة معه جحيم لا يطاق،
أطلب فسخ نکاحي منه، هكذا ادعت. )
ثم سألت المحكمة عن البينة على دعواها فقالت ( ليس لدي بينة، واطلب يمينه على نفي دعواي )
و عند وصول القضية لهذا الحد قررت المحكمة إبلاغ " المدعى عليه
" زوجها بموعد الجلسة القادمة و بتوجه اليمين عليه و صيغتها ( أقسم بالله العظيم الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أنني لم
أضرب المدعية ضرباً مبرحاً، ولم أتهمها في عرضها ) و إن لم يحضر لأدائها قُضي عليه بالنكول .
و في جلسة أخرى ..
حضر والد المدعية
بصفته وكيلا عنها و حضر المدعى عليه " الزوج " و بعرض الدعوى و ما جاء
فيها على المدعى عليه قال ( ما ذكرته
المدعية من أنني عقدت عليها في عام 1426هـ على مهر قدره خمسون ألف ریال مسلم
بالكامل، وأنني دخلت بها الدخول الشرعي 18/ 6/ 1426هـ، وأنه لم يحصل بيننا ولد فكل
ذلك صحيح. أما ما ذكرته أنني أضربها ضرباً مبرحاً فغير صحيح، والصحيح أنني ضربتها
على وجهها أربع مرات؛ آخرها اليوم الذي خرجت فيه من منزل الزوجية لبيت أهلها
بتاريخ 1 / 12 / 1434 هـ، وكان ضربي لها بسبب أنها قالت لي: (لعن الله هذا الوجه).
وأما ما ذكرته من أنني أتهمها في عرضها فغير صحيح، بل هي التي تتهمني في عرضي،
وأطلب رد دعوى المدعية، وإلزامها بالرجوع لبيت الزوجية. )
ثم قال والد المدعية ( موكلتي
لن ترجع ما دامت السماوات والأرض، ومتضررة من ضربه، وسوء عشرته. )
ثم حكمت المحكمة ( فبناء على ما سلف، ولأن المدعى عليه قد أقر أنه ضرب المدعية على
وجهها، وهذا ضرر منهي عنه لحديث معاوية بن حيدة رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا
رسول الله ما حق أحدنا على زوجته، وما حق زوجته عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت،
وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت). رواه أبو
داود؛ ولأن من وجب عليه شيء وامتنع عن أدائه أداه عنه الحاكم الشرعي؛ لذلك كله فقد
فسخت نکاح (...) من المدعى عليه (...) دون عوض، وبذلك قضيت، وأفهمت وکیل المدعية
أن على موكلته العدة الشرعية لهذا الفسخ، وهي حيضة واحدة في أصح قولي العلماء؛ لما
رواه النسائي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة ثابت ابن قیس أن تتربص
حيضة واحدة، وتلحق بأهلها، وهو مذهب جمع من الصحابة، كأمير المؤمنين عثمان وابن
عباس رضي الله عنهم، قال ابن تيمية: (المختلعة يكفيها الاعتداد بحيضة واحدة، وهي
رواية عن أحمد ومذهب عثمان بن عفان وغيره، والمفسوخ نکاحها، كذلك أومأ إليه أحمد
في رواية صالح). اهـ [الاختيارات: 282]، وقال ابن القيم: (وهي مقتضى قواعد
الشريعة، فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، فيتروى الزوج، ويتمكن من
الرجعة في مدة العدة، فإذا لم تكن عليها رجعة، فالمقصود مجرد براءة رحمها من
الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة للاستبراء). اهـ آزاد المعاد: 5/ 199 ]، وأفهمت المدعى
عليه بأن المدعية قد بانت منه بينونة صغرى فلا تحل له إلا بعقد جديد مستوف الشروط
والأركان، كما أفهمت وكيل المدعية ألا تستقبل الخطاب إلا بعد اكتساب هذا الحكم
القطعية، وسوف یهمش على عقد النكاح بما طرأ عليه بعد اكتسابه القطعية. )
ثم عادت القضية من محكمة الاستئناف بناء على ملاحظتها على الحكم ثم
قررت محكمة الاستئناف ( وبدراسة الصك وصورة ضبطه تقررت بالأكثرية إعادتها لفضيلة حاكمها
لملاحظة أن فضيلته لم يفهم الزوجين باختيار حكمين من أهلهما، ولم يتم إحالتها إلى
لجنة الإصلاح، ولم يعرض على الزوجة إعادة المهر أو بعضه، ولم يظهر ما يمنع من ذلك
كله . )
و أجاب القاضي عن ملاحظات الاستئناف بما نصه ( أجيب صاحبي الفضيلة - وفقهم الله - فأقول: جاء في مواهب الجليل: 4/
17 (قال خليل: ولها التطليق للضرر، وشرحه الحطّاب بقوله: قال ابن فرحون في شرح ابن
الحاجب: من الضرر قطع کلامه عنها، وتحويل وجهه في الفراش عنها، وإيثار امرأة
عليها، وضربها ضرباً مؤلماً). اهـ، ويدخل في ضربها ضرباً مؤلماً ما قام المدعى
عليه من ضرب المدعية في وجهها أربع مرات، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - من
الضرب في الوجه، وما دامت الفرقة سببها من الزوج فلا يستحق مهرا، ولا يحتاج -
والحال ما ذكر - إلى بعث حكمين لثبوت الضرر الموجب للتفريق؛ وحيث أجبت صاحبي
الفضيلة فإنه لم يظهر لي سوى ما أجريته. وللبيان جرى إثباته، وأمرت بإلحاقه بالصك
والسجل، وبالله التوفيق. )
ثم أيدت محكمة الاستئناف الحكم
للاطلاع على صك حكم القضية اضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق